(( الدرس الأول ))
الكل منكم يعرف ان التفاعيل لها رنتها الموسيقية الجذّابة والتي تميزها
الأذن حين سماعها , ولكن بالطبع تختلف تلك الآذان كما الحناجر في سماع
وإخراج الرنّة بدقّة متناهية , وهذه دلالة على ان الشعر موهبة وليست تعلّم
بل تُصقل من صاحبها وتُنمّى .. وإلا لِمَا هذا يستطيع إخراج اللحن بدقة والآخر
على العكس تتمنى ان لاتسمعه ؟؟ هذي هي الموهبة .. ولانتكلم هنا عن حلاوة
الصوت فهذا له باب آخر لايمت لدقة الإخراج بصلة , والدليل هناك الكثير ممن يخرج
اللحن بدقّة متناهية ولكن لايملك صوتاً جذاباً وحبالا صوتية ذات رنّة موسيقية .
.
.
لذا سوف نتنقل بين عدّة قوافي للشروح .. وتبيين بعض الاخطاء والتي بدات تكثر
وتتفوّق على الكسر , فما أراه الآن هو البُعد كل البُعد عن الرنة الموسيقية في القافية
وهذا يُعدّ عيباً في القصيدة وضعفاً في الشاعر , حتى وإن رآها البعض صحيحة بحكم
من سبقهم ( وانا هنا لا اخطيء احدا بعينه .. حاشا لله ) .. ولكن هذا مارأيته في كثير
من القصائد .
.
.
اولا :
الوتد الموسيقي للقافية :
كل قافية لها وتد موسيقي يحفظها من الاختلال , سواء كان " ألف " أو " فتح "
أو " كسر " أو " سكون " أو " شدّه " .. ومثال هذه الأوتاد كالتالي :
الدرس الأوّل :
الرنّة الموسيقية بـ" الألف " :
احسّك داخلي دايم .. نسيت انّـي انـا داخِلـك
وضعت برسمة الصوره .. حسبتك داخلي نائي
حلال تضيع في وسطي / حرام يقال انا خاذِلـك
تعال وشوف شوقي .. ياااااه ورب الكون تلقائي
لو نظرنا لقافية الصدر في كلمتي " داخِلك " و " خاذِلك " لوجدنا أن القافية هي حرفان هما
" اللام والكاف " ولا نغفل ان " الكاف " ضمير وليس من أصل الكلمة .. فالقافية حرفان وماقبلهما
يختلف ففي " داخِلك " هناك حرف " الخاء " و في " خاذِلك " هناك حرف " الذال " ولكن لو رجعنا
إلى ماقبل الإختلاف في هذين الحرفين لوجدنا هناك حرف " الألف " اتفقتا فيه الكلمتين وهذا
هو الوتد الموسيقي والذي أمسك بزمام الرنّة ولم يُفقدها .. ولو دققنا النظر للحرفين
المختلفين لوجدناهما مكسورين بحركة الكسر . وهنا يتضح لنا وتدين هما " الكسره والألف " .
ولو أرجعنا الكلمتين للأصل لوجدناهما كالتالي : ( داخل ـ خاذل ) فقط حرف واحد والكاف ضمير
عائد لما هوً له .
ولو نظرنا الى قافية العجز فهي بها ألف كذلك ولكن هذا الألف ليس وتداً موسيقياً بل قافية
أصليّة وثابتة .
وكي تكون الصورة قريبة سوف اورد مثالا للتشابة كتابةً والاختلاف رنةً :
( داخلك .... سبيلك ) لو نظرنا هنا لوجدنا الكلمتين متفقتان بحرفين هما " اللام و الكاف "
ولكن ليس هناك توافق بالرنة الموسيقية وليس هناك وتداً يربطهما , فجرّب أنت بنفسك
وأنطق كل واحده على حِده سوف تجد بُعداً بين الاثنتين وتنافر موسيقي .. ولكن
داخلك يوافقها : ( جاهلك ـ نافلك ـ غافلك ـ كافلك ....... الخ )
سبيلك يوافقها : ( قبيلك ـ نبيلك ـ زبيلك ـ عبيلك ........ الخ )
ملاحظة :
حينما يكون هناك شكّ لديك في قافيتك فحاول إرجاع كلمة القافية للأصل وبدون ضمائر
فسوف تراها واضحة وجليّة لك بدون ضمائر كما " خاذلك و داخلك " فهما " خاذل و داخل " .
.
.
وسوف يكون الدرس القادم حول " الفتح " .
وسوف نستكمل الشرح تبعاً وعلى فترات .. وكل المُنى أن لايكون هناك ردود ..
أو يُغلق من قبل الإدارة الكريمة وسوف اقوم بإستمرار بالشرح به على فترات متتابعة
بإذنه تعالى .. فعسى أن تعم الفائدة للجميع .
.
الدرس الثاني :
الرنّة الموسيقية بـ" الفتح " :
هناك كثير من يغفل حركة الفتح في القافية وهذا يفقد الرنّة الموسيقية مما يقلل
التوازن في القصيدة حين إنتهاء الشطر " صدراً و عجزاً " , فكما قلنا في درسنا
السابق أن هذه الأوتاد هي القابض على الرنّة وهي المُقوّم للنطق حين القراءة .
ومثال ذلك :
دندنيها يالقوافي واكتبيها في عيـووون
وجيّريها للخليل ابن احمد اللي ماكِسَـر
لو يموت العلم حتّى في عروضه مايهون
والفراهيدي نساها لكن الأخفـش ذِكَـر
هنا في هذين البيتين وخصوصاً في قافية العجز نجدها على حرف واحد وهو " الراء "
ولكن هناك حركة " الفتح " على حرف ماقبل القافية فهي الوتد الأساسي في الحفاظ
على رنة القافية والدليل أن هذا الحرف المفتوح يختلف في القافيتين فقد أتى مرّة حرف
" سين " ومرة أخرى حرف " كاف " ولكن الفتحة هي من مسك زمام الرنّة ..
والدليل على الإختلاف حين الفتح المثال التالي :
مايموت الشعر حتّى لو بغينا نذبِحه
لو تموت اقلام طبعاً ينتفي نثرالحِبِر
هُنا كذلك حرف " الراء " هو القافية ولكن ماقبله مكسور بالكسره فهنا حتماً
ستختلف الرنّة الموسيقية مع البيتين السابقين , فلو نطقت كلمة " حِبِر " وخلفها
تلقائياً نطقت كلمة " كِسَر " لإكتشفت انت بنفسك إنعدام الرنّة هُنا .. مع العلم
أن البعض يُجيزها وينفي هذا الوتد " الفتح " ويكتفي بحرف الراء , وهذا يُقلل
من التناغم الموسيقي بين القوافي فنجده مرة يفتح وأخرى يكسر وثانية يُسكّن
فالواجب بناء القصيدة بإتقان كامل كما المعنى والوزن .
ولتبيين الاختلاف بين هاتين القافيتين .. التالي :
كِسَر : يوافقها : جِبَر .. ذِكَر .. بِسَر ..... الخ
حِبِر : يوافقها : مِتِر .. سِعِر .. فِكِر ...... الخ
مثال آخر :
والله اني فيـه ميّـت واستبـاح لذبحتـي
ولو ذبحني حدّ غيره ؟؟ متّ حرج ولانفَعت
يعني ذبحه لي حلال وكل نزفي سمحتـي
وانسدح له طيب خاطر لاذبحني ماجزَعت
القافية في العجز حرفين وهما " العين " و " التاء " مع العلم ان " التاء " ليس حرفاً
اصليّاً في الكلمة , ولو رجعنا للحرف ماقبل القافية في البيتين فهما " الفاء " و " الزاء "
ولكن كلاهما مفتوح ولهذا تتناغم القافية مع بعضها حتّى وإن اختلفت الأحرف ..
وياتي على رنّتها التالي : جمعت .. رجعت .. بدعت ........ الخ
تتفق في حرفين ولكن يُفتح ماقبلها حتى وان اختلفت الحروف المفتوحه في كل كلمة .
ولو أرجعنا الكلمة إلى أصلها بلا ضمائر فهي كالتالي :
نفعت : نفع ..... جزعت : جزع ..... جمعت : جمع ..... رجعت : رجع .... الخ
هنا تتضح الرؤية ملياً في اتفاق حرف واحد في اصل الكلمة وأمّا " التاء " فهو ضمير
متكلم ولكن يُحسب قافية مع الحرف الأصلي من الكلمة .
.
.
همسة :
حينما يتبادر لك إختلال في الرنّة الموسيقية أرجِع الكلمة إلى أصلها وتتضح الرؤيا جلياً .
.
ولنا شرح آخر بإذنه تعالى حول وتد موسيقي آخر .
.
الدرس الثالث
"" الكسر والسكون "" :
اليوم سيكون الشرح حول وتدين موسيقيين وهما " الكسر و السكون " فكما ذكرنا في السابق بأن
الوتد الموسيقي ورنّته هما من يمسك زمام التناغم الموسيقي بين أحرف القافية أكانت حرف واحد
أو عدّة أحرف , فهي كالآلات الموسيقة ولكن يجب أن تتداخل مع بعضها وتتفق في النغمة ..
وسوف ابيّنها هنا من واقع أدوات موسيقية :
لو نظرنا إلى الفرقة الموسيقية وهي تستعدّ مع " الاوركسترا " لبداية " العزف " الموسيقي لوجدنها
تحتوي على عدّة آلات موسيقية وتختلف كل آله بالصوت الذي تُخرجه عن الأخرى , ولكن الرنّة
الموسيقية واحدة لاتختلف حتّى وإن ثَقُلت في آله وخفّت في أخرى أو تغيّرت طريقة إخراج الصوت
من آله إلى آله فالجميع يمشي على نغمة ورنّة موسيقية تعرف بـ " السلّم الموسيقي " ونوتة وضعت
خصيصاً لهذه الأغنية .
مثال على ذلك :
سولفيني واهرجيني في حكايا داخْلِـك
وانثريني فيك كلك وزّعيني في فتَنْـكْ
سولفيني لي وحدي عدي اني جاهْلِـك
ولو يعاند وقت حاضر هدديه اني زمَنْكْ
.......
احسّك داخلي دايم نسيت انّـي انـا داخِلْـك
وضعت برسمة الصوره حسبتك داخلي نائي
حلال تضيع في وسطي حرام يقال انا خاذِلْك
تعال وشوف شوقي ياااااه ورب الكون تلقائي
هذه قصيدتين من قصائدي فلو نظرنا لوجدنا أن قافية الصدر في القصيدتين متفقتان ولكن
لو دققنا النظر فهما بعيدتان كل البُعد عن التوافق في الرنّة الموسيقية والدليل إقرأ البيت هنا
وهناك وسوف تكتشف الفرق بنفسك من مخارج الحروف وتشكيلها التلقائي للكلمة .
ربما يستغرب البعض لما أتت مرّه " داخْلِك " و أخرى " داخِلْك " هُنا نرجع ونقول أن البحر
اختلف في القصيدتين فـ واحدة على بحر " الهجيني الطويل " والأخرى على " الهزج " أو مايسمّى
بالشيباني في النبطي فواحدة " فاعلاتن " والأخرى " مفاعيلن " .. وهنا اختلفت الرنّة ( اي التشكيل )
ولم تختلف الكلمة فأصل الكلمة هو " داخل " ولكن اقترن بها ضمير " الكاف " .. إذاً التفعيلة ورنّتها
الموسيقية هما من غيّر نطق الكلمة في القصيدتين فـ أتتا مختلفتين نطقاً حسب تفعيلة البحر .
وكم كنت اتمنى ان يكون هذا الشرح مزوّد كذلك بالصوت للتّوضيح بالسماع فهو الأسهل ...
ولكن بإذن الواحد الأحد ربما يكون موجود يوماً ما .
.
.
الدرس الرابع
" الشدّه " .
هناك من يغفل هذا الوتد وهو أقوى وتد موسيقي بين الأوتاد جميعها , فإن فُقِد تناثرت قافية
القصيدة وتباعدت بعضها عن بعض , فالقاريء أو المتلقي سماعاً سيصيبه إحساس بالتنافر
بين القوافي فمرّة هناك شدّه ومرّة مفتوحه بـ أريحيّه وهذا يشتت القاريء ويوقِفه إجباراً .
مثال ذلك :
عذب السجايا وعوده بـأوّل الكنّـه
متى تزين السوالف وآخذ علومـه
ياعيني اللي ظلمها الوقت مسكينَـه
حسبي على اللي ظلمها يوم بهمومه
لو نظرنا في البيتين الاثنين لوجدناهما على بحر " البسيط " والقافية واحدة صدراً وعجزاً
( البيت الأوّل للشاعر \ مساعد الرشيدي .. والآخر كُتب للشرح فقط ) فالبيتين متفقان في
البحر والقافية .. ولكن إقرأ الأوّل وألحِقهُ بالثاني تلقائياً انت بنفسك ستلاحظ الفرق واضحاً
حين نطقك .. فما هذا ؟؟؟؟ هذه هي الرنّة والتي كانت مشددة فالبيت الأوّل ومفتوحه في الثاني
وحتّى إن فُتحت أو كُسِرت أو سُكّنت فهي حتماً لن تتفق مع التشديد , فحرف " النون " مشدّد في
البيت الأوّل .. وللتوضيح أكثر نرى ماذا سيوافق القافيتين :
الكنّه ... يوافقها : عنّه ... جنّه ... لكنّه ... خنّه ............. الخ
مسكينه ... يوافقها : معطينه ... مسقينه ... مشقينه ... مروينه ................ الخ
ولشرح أوفى .. نأخذ هذين البيتين :
عذب السجايا وعوده بأوّل الكنّه
متى تزين السوالف وآخذ علومه
.
لو بغيت امن الضلوع اتشبّ هذي ممكنه
شبّها قبلي خلف من ضلع واشعل نارها
فالبيتين اتفقا في قافية الصدر بحرفين , هما " النون و الهاء " ولكن اختلفت في النطق فهما
بعيدتان كل البعد عن بعضهما والدليل أن حرف " النون " في البيت الأوّل " مشدد " وفي
البيت الثاني " مفتوح " .. فلو نطقتها بنفسك لـأحسست بالتنافر بينهما .
ولشرح اوفى .. نرى ماهو الفرق بين هذين البيتين :
لاقلت احبك سكوت وإسمع لحبّي
والا انا ساكت وسامع لك منوّل
.
الظروف اشتبّت وشبّت علومي وحْطبي
ورمّد الوقت وتطاير هالرماد امع الهوا
لو نظرنا لهذين البيتين لوجدنا قافية الصدر على حرفين في كلاهما وهما " الباء والياء "
ولكن اختلفت الرنّة فـ" الباء " في البيت الأوّل " مشددّه " وفي البيت الثاني " مكسوره "
فهنا يكون التنافر في الرنّة بوضوح وعدم اتفاقهما .
واليك مثال آخر لقافية أخرى بالتشديد :
لاقلت احبك سكوت وإسمع لحبّـي
والا انا ساكت وسامع لك منـوّل
لاوالله الا كساني شيّ من شيبـي
واقفت سنيني وصار الوقت متغاول
لو نظرنا للبيتين فهما كذلك على بحر البسيط والقافية متفقة صدراً وعجزاً ولكن هل انت تنطقهما
كما بعض في البيتين ؟؟؟؟ حتماً لا .. وانت من سيقول هذا حين قراتك لهما ..
فقافية الصدر اتفقتا في حرفين هما " الباء و الياء " ولكن لاتوافق بينهما في الرنّة الموسيقية ..
والدليل لو رجعنا إلى كلمة " شيبي " وحذفنا حرف " الياء " الأولى و وضعنا شدّة على حرف " الباء "
لأصبحت " شبّي " وهنا ستتفق تلقائياً مع تلك الرنّة .
وكذلك في قافية العجز .. فهما متفقتان في حرفين وهما " الواو " و " اللام " ولكن هناك شدّة على حرف
" الواو " في البيت الأوّل وهذا ماجعلهما لايتفقان في إخراج الرنّة الموسيقية , والأمثلة كثيرة جداً وتستطيع
انت بنفسك ان تُطبق هذا على ماتقرأه في القصائد حين ترى قافيتين من شاعرين مختلفين وتجدهما متفقتي
الحروف ولكن هذا الشاعر أخرج رنّتة على حسب بحره وتفعيلته أو على حسب نطقه للكلمة في بيئته
فالاختلاف في النطق من واقع البيئة هو من يحدد طريقة إخراج القافية ورنّتها الموسيقية وليس هناك خلاف
البته على هذا فمتى مابدأ الشاعر بـ بيته الأوّل وحدد قافيته فلابد أن يتمشّى على تلك القافية ورنتها ..
فمطلع القصيدة هو أساسها في كل شي ( البحر ... القافية ... الرنّة ) فالبيت الأوّل هو الميزان للقصيدة بأكملها ...
الدرس الخامس
" القافية الهائية "
" القافية الهائية " ونعني بها الضمائر العائدة لشيء ما مع إقترانها بضمائر أخرى مُساعِده سواء للوزن أو
للدلالة على الشيء ..
وهنا وفي هذه الحالة لابد من إرجاع الكلمة إلى أصلها وتجريدها بدون ضمائر كي يسهل علينا الفهم
ونعرف اصل هذه القافية كي لانقع في التشابة بالكتابة والبُعد عن الرنّة الموسيقية للقافية ..
وسوف اورد أمثلة لعدّة كلمات تتشابة في الكتابه وتختلف رنتها بين كلمة وأخرى :
يعطيها ... حاملها ... سوالفها ... عاشقها ... طلبها ...
لو نظرنا إلى هذه الكلمات لوجدناها تنتهي بحرفين هما " الهاء " و " الألف " .. ولكن حين النطق نُدرك
التنافر بينهم وعدم توافق هذه الكلمات في طريقة الإخراج التلقائي ..
والدليل لو اتينا هنا وجرّدنا كل كلمة من هذه الضمائر وأرجعناها إلى أصلها لوجدنا التالي :
يعطيها : يُعطي .. إذاً يوافق يعطيها : يسقيها ... يجريها ... يخفيها ... يبريها ... الخ
حاملها : حامل .. إذاً يوافق حاملها : كاملها ... هاملها ... ايجاملها ... صاملها ... الخ
سوالفها : سوالف .. إذاً يوافق سوالفها : طوارفها ... موالفها ... ذوارفها ... حواتفها ... الخ
عاشقها : عاشق .. إذاً يوافق عاشقها : راشقها ... سايقها ... ناطقها ... بارقها ... الخ
طلبها : طلب .. إذاً يوافق طلبها : سلبها ... عطبها ... جربها ... نهبها ... الخ
ولو رجعنا لكلمة " عاشقها " لو جدنا أننا قلنا يوافقها ( راشقها وسايقها ) وهذا يعني أنّه بالإمكان
تثبيت حرف واحد ماقبل الضمائر أو حرفين أو ثلاثة .. فـ" عاشقها " توافقت مع " راشقها "
بحرفين قبل الضمائر .. ولكن " سايقها " فقط بحرف واحد قبل الضمائر الآنفة الذكر .. وهذا
يعني أنه لك حُرية تحديد القافية الثابته والأصلية بحرف أو حرفين أو اكثر ..
وهناك قوافي " هائية " كثيرة جداً وليست حصراً على ماذكرت , فهي أمثلة فقط لاغير ولكن
كما قلنا علينا إرجاع القافية لأصلها كي نتمكن مع الرنّة الموسيقية فيها .
وهذه ابيات للتوضيح :
قول الشاعر \ فلاح بن مبخوت العجمي :
ملكنا العلم مـن آيـات إقـرأ
شريعـه زيّـن الله مبتـداهـا
وطفنا الأرض من شتى النواحي
على نهج الرسول اللي بداهـا
قول الشاعر \ مساعد العفار :
إحسب إحساب للصحبه وراعيها ؟
لا تغير بـدون اسبـاب معقولـه
الصداقـه تبـي رجـلٍ يراعيهـا
ماهو باللي يصدق كـل منقولـه
وقول الشاعر \ محمد فهد العرجاني :
من لايميّز في المواقف ..بهيمه
يخسر وفا ربعه ونفسه خسرها
حتيش لو كان النوايا سليمـه
يقطف ثمار العز منهو بذرهـا
هُنا نجد ثلاث قوافي في ثلاث قصائد مختلفة لشعراء مختلفين اتفقت تلك القوافي في حرفين
وهما " الهاء " و " الألف " ولكن اختفلت فيما قبل الضمائر وهي اصل الكلمة .. فلو ارجعنا
كل قافية لأصل الكلمة لوجدنا التالي :
مبتداها ... بداها ... اصلهما : مبتدا .. بدا .
راعيها ... ايراعيها ... اصلهما : راعي .. يراعي .
خسرها ... بذرها ... اصلهما : خسر ... بذر .
وبعد هذا التجريد يتضح امام عينك التوافق كتابةً ونطقاً .. والامثلة كثيرة تستطيع أنت أن تطبق
هذا على ماتقرأه إن وجدت قافية هائية .
الدرس السادس
" قافية الضمير المنفصل "
هناك قافية تسمّى قافية الضمير المنفصل , وهي كثيراً مايقع فيه بعض الشعراء ويكتفي بتلك الضمائر
ويعتمدها كـ قافية وهي في الحقيقة ليست قافية ولاتُعطي رنّة موسيقية مع بعضها .. ويجب علينا التفريق
بين القافية التي بها ضمير منفصل والقافية الأصلية ...
ودعونا ناخذ قصيدة الشاعر \ مساعد البيان :
مانيـب طـلاّب لا شهـره ..ولا دولــه
ولانيب مسّاح جوخ ّ .. الشيخ .. واجري به
لوّ الشعرّ .. يرفـع الرجّـال مـن حولـه
كان اكثر الناس .. شعـار ٍ .. تغنـي بـه
وجهة نظرّ .. قلتها .. واقـع .. ومعقولـه
إليا رميت الهدف .. بالصدق .. ماخطي به
من قال كل الصـوّر تطـرق ومدهولـه .؟
مابين مدح .. وهجاء .. والوّصل والغيبـه
وإن المعاني .. عليهـا ابـواب.. مقفولـه
ولا جاب شاعرّ جديد .. الكلّ .. يدري به !
واقول .. دام الشعرّ وهبـه .. ومرسولـه
ما ينقطعّ.. فالشعرّ .. إبداع .. نشدي بـه
شعّار ... تنحت صخر .. وتارد .. دحولـه
شعّار .. مثل البحور .. وبشعرها .. هيبـه
مـا حطتـه .. اكبـر اهمـوم ٍ ومذلولـه
سربة ّ رجال ٍ رقـت طيـب .. ومراقيبـه
لو دققنا في قافية العجز اتضح لنا ان الشاعر كرر هذا الضمير المنفصل " به " .. ولكن لم تكن هي
قافيته .. فقد كان هذا الضمير المنفصل وزنياً ونسبةً إلى مايقصده ويدل على ماأشار إليه ..
ودعونا نأخذ هذه القوافي وهي كالتالي :
اجري به .. تغني به .. ماخطي به .. الغيبه .. يدري به .. نشدي به .. هيبه .. مراقيبه .
هُنا يتضح ان قافية الشاعر حرف واحد في الأصل وهو " الياء " ولكن هذا لايُخرج حرف " الباء "
و " الهاء " من القافية فهي حروف قافية وتحسب مع الحرف الأصلي " الياء " لتكون ثلاث حروف
وهي " الياء .. الباء .. الهاء " .. ولكن لابد من الارجاع للأصل للتمسّك بالرنّة الموسيقية في القافية .
اجري به .. تغني به .. يدري به ( هذه اقترن بها الضمير المنفصل " به " ) .
الغيبه .. هيبه ( هذه كلمات أصلية وليس بها ضمائر ابداً ) .
مراقيبه ( كلمة اقترن بها فقط ضمير واحد وهو " الهاء " للنسبه ) .. فالأصل هو : مراقيب .
وهذه إحدى قصائدي للضمير المنفصل :
عليـم الله يابنـت العطاااااااايـا
اببصملك بعشري .. واعترف لك
بقول البنت هذي : هـي غلايـا
على شوق المحاني واقترف لك
الا ياغصن نابـت فـي حمايـا
سقيته قال غصني : ذا ورف لك
يموت الحظّ الاقشر فـي نكايـا
واعاند في ظروفي وانصرف لك
اشوف الوقت عيّـا فـي قفايـا
يطاردني .. حسدني لا انحرف لك
الضمير المنفصل الثابت في القصيدة هو " لك " .. ولم يكن قافية ثابته بل كان مساعداً للقافية
في المعنى المراد ولكن يحسب قافية .. لان القافية في الأصل هي " الراء و الفاء " وأتى
الضمير " لك " مساعداً لها وتعتبر القافية اربع حروف وهي " الراء والفاء واللام والكاف " .
والمثال للتنافر على هذه القافية لو قلنا :
" منتبه لك " .. هل ستوافق ( اعترف لك .. انصرف لك .. انحرف لك ) بالتأكيد لا ..
فـ " منتبه لك " لك يوافقها ( يشتبه لك .. يكتبه لك .. يجذبه لك ) سواء بحرف أو حرفين .
الكل منكم يعرف ان التفاعيل لها رنتها الموسيقية الجذّابة والتي تميزها
الأذن حين سماعها , ولكن بالطبع تختلف تلك الآذان كما الحناجر في سماع
وإخراج الرنّة بدقّة متناهية , وهذه دلالة على ان الشعر موهبة وليست تعلّم
بل تُصقل من صاحبها وتُنمّى .. وإلا لِمَا هذا يستطيع إخراج اللحن بدقة والآخر
على العكس تتمنى ان لاتسمعه ؟؟ هذي هي الموهبة .. ولانتكلم هنا عن حلاوة
الصوت فهذا له باب آخر لايمت لدقة الإخراج بصلة , والدليل هناك الكثير ممن يخرج
اللحن بدقّة متناهية ولكن لايملك صوتاً جذاباً وحبالا صوتية ذات رنّة موسيقية .
.
.
لذا سوف نتنقل بين عدّة قوافي للشروح .. وتبيين بعض الاخطاء والتي بدات تكثر
وتتفوّق على الكسر , فما أراه الآن هو البُعد كل البُعد عن الرنة الموسيقية في القافية
وهذا يُعدّ عيباً في القصيدة وضعفاً في الشاعر , حتى وإن رآها البعض صحيحة بحكم
من سبقهم ( وانا هنا لا اخطيء احدا بعينه .. حاشا لله ) .. ولكن هذا مارأيته في كثير
من القصائد .
.
.
اولا :
الوتد الموسيقي للقافية :
كل قافية لها وتد موسيقي يحفظها من الاختلال , سواء كان " ألف " أو " فتح "
أو " كسر " أو " سكون " أو " شدّه " .. ومثال هذه الأوتاد كالتالي :
الدرس الأوّل :
الرنّة الموسيقية بـ" الألف " :
احسّك داخلي دايم .. نسيت انّـي انـا داخِلـك
وضعت برسمة الصوره .. حسبتك داخلي نائي
حلال تضيع في وسطي / حرام يقال انا خاذِلـك
تعال وشوف شوقي .. ياااااه ورب الكون تلقائي
لو نظرنا لقافية الصدر في كلمتي " داخِلك " و " خاذِلك " لوجدنا أن القافية هي حرفان هما
" اللام والكاف " ولا نغفل ان " الكاف " ضمير وليس من أصل الكلمة .. فالقافية حرفان وماقبلهما
يختلف ففي " داخِلك " هناك حرف " الخاء " و في " خاذِلك " هناك حرف " الذال " ولكن لو رجعنا
إلى ماقبل الإختلاف في هذين الحرفين لوجدنا هناك حرف " الألف " اتفقتا فيه الكلمتين وهذا
هو الوتد الموسيقي والذي أمسك بزمام الرنّة ولم يُفقدها .. ولو دققنا النظر للحرفين
المختلفين لوجدناهما مكسورين بحركة الكسر . وهنا يتضح لنا وتدين هما " الكسره والألف " .
ولو أرجعنا الكلمتين للأصل لوجدناهما كالتالي : ( داخل ـ خاذل ) فقط حرف واحد والكاف ضمير
عائد لما هوً له .
ولو نظرنا الى قافية العجز فهي بها ألف كذلك ولكن هذا الألف ليس وتداً موسيقياً بل قافية
أصليّة وثابتة .
وكي تكون الصورة قريبة سوف اورد مثالا للتشابة كتابةً والاختلاف رنةً :
( داخلك .... سبيلك ) لو نظرنا هنا لوجدنا الكلمتين متفقتان بحرفين هما " اللام و الكاف "
ولكن ليس هناك توافق بالرنة الموسيقية وليس هناك وتداً يربطهما , فجرّب أنت بنفسك
وأنطق كل واحده على حِده سوف تجد بُعداً بين الاثنتين وتنافر موسيقي .. ولكن
داخلك يوافقها : ( جاهلك ـ نافلك ـ غافلك ـ كافلك ....... الخ )
سبيلك يوافقها : ( قبيلك ـ نبيلك ـ زبيلك ـ عبيلك ........ الخ )
ملاحظة :
حينما يكون هناك شكّ لديك في قافيتك فحاول إرجاع كلمة القافية للأصل وبدون ضمائر
فسوف تراها واضحة وجليّة لك بدون ضمائر كما " خاذلك و داخلك " فهما " خاذل و داخل " .
.
.
وسوف يكون الدرس القادم حول " الفتح " .
وسوف نستكمل الشرح تبعاً وعلى فترات .. وكل المُنى أن لايكون هناك ردود ..
أو يُغلق من قبل الإدارة الكريمة وسوف اقوم بإستمرار بالشرح به على فترات متتابعة
بإذنه تعالى .. فعسى أن تعم الفائدة للجميع .
.
الدرس الثاني :
الرنّة الموسيقية بـ" الفتح " :
هناك كثير من يغفل حركة الفتح في القافية وهذا يفقد الرنّة الموسيقية مما يقلل
التوازن في القصيدة حين إنتهاء الشطر " صدراً و عجزاً " , فكما قلنا في درسنا
السابق أن هذه الأوتاد هي القابض على الرنّة وهي المُقوّم للنطق حين القراءة .
ومثال ذلك :
دندنيها يالقوافي واكتبيها في عيـووون
وجيّريها للخليل ابن احمد اللي ماكِسَـر
لو يموت العلم حتّى في عروضه مايهون
والفراهيدي نساها لكن الأخفـش ذِكَـر
هنا في هذين البيتين وخصوصاً في قافية العجز نجدها على حرف واحد وهو " الراء "
ولكن هناك حركة " الفتح " على حرف ماقبل القافية فهي الوتد الأساسي في الحفاظ
على رنة القافية والدليل أن هذا الحرف المفتوح يختلف في القافيتين فقد أتى مرّة حرف
" سين " ومرة أخرى حرف " كاف " ولكن الفتحة هي من مسك زمام الرنّة ..
والدليل على الإختلاف حين الفتح المثال التالي :
مايموت الشعر حتّى لو بغينا نذبِحه
لو تموت اقلام طبعاً ينتفي نثرالحِبِر
هُنا كذلك حرف " الراء " هو القافية ولكن ماقبله مكسور بالكسره فهنا حتماً
ستختلف الرنّة الموسيقية مع البيتين السابقين , فلو نطقت كلمة " حِبِر " وخلفها
تلقائياً نطقت كلمة " كِسَر " لإكتشفت انت بنفسك إنعدام الرنّة هُنا .. مع العلم
أن البعض يُجيزها وينفي هذا الوتد " الفتح " ويكتفي بحرف الراء , وهذا يُقلل
من التناغم الموسيقي بين القوافي فنجده مرة يفتح وأخرى يكسر وثانية يُسكّن
فالواجب بناء القصيدة بإتقان كامل كما المعنى والوزن .
ولتبيين الاختلاف بين هاتين القافيتين .. التالي :
كِسَر : يوافقها : جِبَر .. ذِكَر .. بِسَر ..... الخ
حِبِر : يوافقها : مِتِر .. سِعِر .. فِكِر ...... الخ
مثال آخر :
والله اني فيـه ميّـت واستبـاح لذبحتـي
ولو ذبحني حدّ غيره ؟؟ متّ حرج ولانفَعت
يعني ذبحه لي حلال وكل نزفي سمحتـي
وانسدح له طيب خاطر لاذبحني ماجزَعت
القافية في العجز حرفين وهما " العين " و " التاء " مع العلم ان " التاء " ليس حرفاً
اصليّاً في الكلمة , ولو رجعنا للحرف ماقبل القافية في البيتين فهما " الفاء " و " الزاء "
ولكن كلاهما مفتوح ولهذا تتناغم القافية مع بعضها حتّى وإن اختلفت الأحرف ..
وياتي على رنّتها التالي : جمعت .. رجعت .. بدعت ........ الخ
تتفق في حرفين ولكن يُفتح ماقبلها حتى وان اختلفت الحروف المفتوحه في كل كلمة .
ولو أرجعنا الكلمة إلى أصلها بلا ضمائر فهي كالتالي :
نفعت : نفع ..... جزعت : جزع ..... جمعت : جمع ..... رجعت : رجع .... الخ
هنا تتضح الرؤية ملياً في اتفاق حرف واحد في اصل الكلمة وأمّا " التاء " فهو ضمير
متكلم ولكن يُحسب قافية مع الحرف الأصلي من الكلمة .
.
.
همسة :
حينما يتبادر لك إختلال في الرنّة الموسيقية أرجِع الكلمة إلى أصلها وتتضح الرؤيا جلياً .
.
ولنا شرح آخر بإذنه تعالى حول وتد موسيقي آخر .
.
الدرس الثالث
"" الكسر والسكون "" :
اليوم سيكون الشرح حول وتدين موسيقيين وهما " الكسر و السكون " فكما ذكرنا في السابق بأن
الوتد الموسيقي ورنّته هما من يمسك زمام التناغم الموسيقي بين أحرف القافية أكانت حرف واحد
أو عدّة أحرف , فهي كالآلات الموسيقة ولكن يجب أن تتداخل مع بعضها وتتفق في النغمة ..
وسوف ابيّنها هنا من واقع أدوات موسيقية :
لو نظرنا إلى الفرقة الموسيقية وهي تستعدّ مع " الاوركسترا " لبداية " العزف " الموسيقي لوجدنها
تحتوي على عدّة آلات موسيقية وتختلف كل آله بالصوت الذي تُخرجه عن الأخرى , ولكن الرنّة
الموسيقية واحدة لاتختلف حتّى وإن ثَقُلت في آله وخفّت في أخرى أو تغيّرت طريقة إخراج الصوت
من آله إلى آله فالجميع يمشي على نغمة ورنّة موسيقية تعرف بـ " السلّم الموسيقي " ونوتة وضعت
خصيصاً لهذه الأغنية .
مثال على ذلك :
سولفيني واهرجيني في حكايا داخْلِـك
وانثريني فيك كلك وزّعيني في فتَنْـكْ
سولفيني لي وحدي عدي اني جاهْلِـك
ولو يعاند وقت حاضر هدديه اني زمَنْكْ
.......
احسّك داخلي دايم نسيت انّـي انـا داخِلْـك
وضعت برسمة الصوره حسبتك داخلي نائي
حلال تضيع في وسطي حرام يقال انا خاذِلْك
تعال وشوف شوقي ياااااه ورب الكون تلقائي
هذه قصيدتين من قصائدي فلو نظرنا لوجدنا أن قافية الصدر في القصيدتين متفقتان ولكن
لو دققنا النظر فهما بعيدتان كل البُعد عن التوافق في الرنّة الموسيقية والدليل إقرأ البيت هنا
وهناك وسوف تكتشف الفرق بنفسك من مخارج الحروف وتشكيلها التلقائي للكلمة .
ربما يستغرب البعض لما أتت مرّه " داخْلِك " و أخرى " داخِلْك " هُنا نرجع ونقول أن البحر
اختلف في القصيدتين فـ واحدة على بحر " الهجيني الطويل " والأخرى على " الهزج " أو مايسمّى
بالشيباني في النبطي فواحدة " فاعلاتن " والأخرى " مفاعيلن " .. وهنا اختلفت الرنّة ( اي التشكيل )
ولم تختلف الكلمة فأصل الكلمة هو " داخل " ولكن اقترن بها ضمير " الكاف " .. إذاً التفعيلة ورنّتها
الموسيقية هما من غيّر نطق الكلمة في القصيدتين فـ أتتا مختلفتين نطقاً حسب تفعيلة البحر .
وكم كنت اتمنى ان يكون هذا الشرح مزوّد كذلك بالصوت للتّوضيح بالسماع فهو الأسهل ...
ولكن بإذن الواحد الأحد ربما يكون موجود يوماً ما .
.
.
الدرس الرابع
" الشدّه " .
هناك من يغفل هذا الوتد وهو أقوى وتد موسيقي بين الأوتاد جميعها , فإن فُقِد تناثرت قافية
القصيدة وتباعدت بعضها عن بعض , فالقاريء أو المتلقي سماعاً سيصيبه إحساس بالتنافر
بين القوافي فمرّة هناك شدّه ومرّة مفتوحه بـ أريحيّه وهذا يشتت القاريء ويوقِفه إجباراً .
مثال ذلك :
عذب السجايا وعوده بـأوّل الكنّـه
متى تزين السوالف وآخذ علومـه
ياعيني اللي ظلمها الوقت مسكينَـه
حسبي على اللي ظلمها يوم بهمومه
لو نظرنا في البيتين الاثنين لوجدناهما على بحر " البسيط " والقافية واحدة صدراً وعجزاً
( البيت الأوّل للشاعر \ مساعد الرشيدي .. والآخر كُتب للشرح فقط ) فالبيتين متفقان في
البحر والقافية .. ولكن إقرأ الأوّل وألحِقهُ بالثاني تلقائياً انت بنفسك ستلاحظ الفرق واضحاً
حين نطقك .. فما هذا ؟؟؟؟ هذه هي الرنّة والتي كانت مشددة فالبيت الأوّل ومفتوحه في الثاني
وحتّى إن فُتحت أو كُسِرت أو سُكّنت فهي حتماً لن تتفق مع التشديد , فحرف " النون " مشدّد في
البيت الأوّل .. وللتوضيح أكثر نرى ماذا سيوافق القافيتين :
الكنّه ... يوافقها : عنّه ... جنّه ... لكنّه ... خنّه ............. الخ
مسكينه ... يوافقها : معطينه ... مسقينه ... مشقينه ... مروينه ................ الخ
ولشرح أوفى .. نأخذ هذين البيتين :
عذب السجايا وعوده بأوّل الكنّه
متى تزين السوالف وآخذ علومه
.
لو بغيت امن الضلوع اتشبّ هذي ممكنه
شبّها قبلي خلف من ضلع واشعل نارها
فالبيتين اتفقا في قافية الصدر بحرفين , هما " النون و الهاء " ولكن اختلفت في النطق فهما
بعيدتان كل البعد عن بعضهما والدليل أن حرف " النون " في البيت الأوّل " مشدد " وفي
البيت الثاني " مفتوح " .. فلو نطقتها بنفسك لـأحسست بالتنافر بينهما .
ولشرح اوفى .. نرى ماهو الفرق بين هذين البيتين :
لاقلت احبك سكوت وإسمع لحبّي
والا انا ساكت وسامع لك منوّل
.
الظروف اشتبّت وشبّت علومي وحْطبي
ورمّد الوقت وتطاير هالرماد امع الهوا
لو نظرنا لهذين البيتين لوجدنا قافية الصدر على حرفين في كلاهما وهما " الباء والياء "
ولكن اختلفت الرنّة فـ" الباء " في البيت الأوّل " مشددّه " وفي البيت الثاني " مكسوره "
فهنا يكون التنافر في الرنّة بوضوح وعدم اتفاقهما .
واليك مثال آخر لقافية أخرى بالتشديد :
لاقلت احبك سكوت وإسمع لحبّـي
والا انا ساكت وسامع لك منـوّل
لاوالله الا كساني شيّ من شيبـي
واقفت سنيني وصار الوقت متغاول
لو نظرنا للبيتين فهما كذلك على بحر البسيط والقافية متفقة صدراً وعجزاً ولكن هل انت تنطقهما
كما بعض في البيتين ؟؟؟؟ حتماً لا .. وانت من سيقول هذا حين قراتك لهما ..
فقافية الصدر اتفقتا في حرفين هما " الباء و الياء " ولكن لاتوافق بينهما في الرنّة الموسيقية ..
والدليل لو رجعنا إلى كلمة " شيبي " وحذفنا حرف " الياء " الأولى و وضعنا شدّة على حرف " الباء "
لأصبحت " شبّي " وهنا ستتفق تلقائياً مع تلك الرنّة .
وكذلك في قافية العجز .. فهما متفقتان في حرفين وهما " الواو " و " اللام " ولكن هناك شدّة على حرف
" الواو " في البيت الأوّل وهذا ماجعلهما لايتفقان في إخراج الرنّة الموسيقية , والأمثلة كثيرة جداً وتستطيع
انت بنفسك ان تُطبق هذا على ماتقرأه في القصائد حين ترى قافيتين من شاعرين مختلفين وتجدهما متفقتي
الحروف ولكن هذا الشاعر أخرج رنّتة على حسب بحره وتفعيلته أو على حسب نطقه للكلمة في بيئته
فالاختلاف في النطق من واقع البيئة هو من يحدد طريقة إخراج القافية ورنّتها الموسيقية وليس هناك خلاف
البته على هذا فمتى مابدأ الشاعر بـ بيته الأوّل وحدد قافيته فلابد أن يتمشّى على تلك القافية ورنتها ..
فمطلع القصيدة هو أساسها في كل شي ( البحر ... القافية ... الرنّة ) فالبيت الأوّل هو الميزان للقصيدة بأكملها ...
الدرس الخامس
" القافية الهائية "
" القافية الهائية " ونعني بها الضمائر العائدة لشيء ما مع إقترانها بضمائر أخرى مُساعِده سواء للوزن أو
للدلالة على الشيء ..
وهنا وفي هذه الحالة لابد من إرجاع الكلمة إلى أصلها وتجريدها بدون ضمائر كي يسهل علينا الفهم
ونعرف اصل هذه القافية كي لانقع في التشابة بالكتابة والبُعد عن الرنّة الموسيقية للقافية ..
وسوف اورد أمثلة لعدّة كلمات تتشابة في الكتابه وتختلف رنتها بين كلمة وأخرى :
يعطيها ... حاملها ... سوالفها ... عاشقها ... طلبها ...
لو نظرنا إلى هذه الكلمات لوجدناها تنتهي بحرفين هما " الهاء " و " الألف " .. ولكن حين النطق نُدرك
التنافر بينهم وعدم توافق هذه الكلمات في طريقة الإخراج التلقائي ..
والدليل لو اتينا هنا وجرّدنا كل كلمة من هذه الضمائر وأرجعناها إلى أصلها لوجدنا التالي :
يعطيها : يُعطي .. إذاً يوافق يعطيها : يسقيها ... يجريها ... يخفيها ... يبريها ... الخ
حاملها : حامل .. إذاً يوافق حاملها : كاملها ... هاملها ... ايجاملها ... صاملها ... الخ
سوالفها : سوالف .. إذاً يوافق سوالفها : طوارفها ... موالفها ... ذوارفها ... حواتفها ... الخ
عاشقها : عاشق .. إذاً يوافق عاشقها : راشقها ... سايقها ... ناطقها ... بارقها ... الخ
طلبها : طلب .. إذاً يوافق طلبها : سلبها ... عطبها ... جربها ... نهبها ... الخ
ولو رجعنا لكلمة " عاشقها " لو جدنا أننا قلنا يوافقها ( راشقها وسايقها ) وهذا يعني أنّه بالإمكان
تثبيت حرف واحد ماقبل الضمائر أو حرفين أو ثلاثة .. فـ" عاشقها " توافقت مع " راشقها "
بحرفين قبل الضمائر .. ولكن " سايقها " فقط بحرف واحد قبل الضمائر الآنفة الذكر .. وهذا
يعني أنه لك حُرية تحديد القافية الثابته والأصلية بحرف أو حرفين أو اكثر ..
وهناك قوافي " هائية " كثيرة جداً وليست حصراً على ماذكرت , فهي أمثلة فقط لاغير ولكن
كما قلنا علينا إرجاع القافية لأصلها كي نتمكن مع الرنّة الموسيقية فيها .
وهذه ابيات للتوضيح :
قول الشاعر \ فلاح بن مبخوت العجمي :
ملكنا العلم مـن آيـات إقـرأ
شريعـه زيّـن الله مبتـداهـا
وطفنا الأرض من شتى النواحي
على نهج الرسول اللي بداهـا
قول الشاعر \ مساعد العفار :
إحسب إحساب للصحبه وراعيها ؟
لا تغير بـدون اسبـاب معقولـه
الصداقـه تبـي رجـلٍ يراعيهـا
ماهو باللي يصدق كـل منقولـه
وقول الشاعر \ محمد فهد العرجاني :
من لايميّز في المواقف ..بهيمه
يخسر وفا ربعه ونفسه خسرها
حتيش لو كان النوايا سليمـه
يقطف ثمار العز منهو بذرهـا
هُنا نجد ثلاث قوافي في ثلاث قصائد مختلفة لشعراء مختلفين اتفقت تلك القوافي في حرفين
وهما " الهاء " و " الألف " ولكن اختفلت فيما قبل الضمائر وهي اصل الكلمة .. فلو ارجعنا
كل قافية لأصل الكلمة لوجدنا التالي :
مبتداها ... بداها ... اصلهما : مبتدا .. بدا .
راعيها ... ايراعيها ... اصلهما : راعي .. يراعي .
خسرها ... بذرها ... اصلهما : خسر ... بذر .
وبعد هذا التجريد يتضح امام عينك التوافق كتابةً ونطقاً .. والامثلة كثيرة تستطيع أنت أن تطبق
هذا على ماتقرأه إن وجدت قافية هائية .
الدرس السادس
" قافية الضمير المنفصل "
هناك قافية تسمّى قافية الضمير المنفصل , وهي كثيراً مايقع فيه بعض الشعراء ويكتفي بتلك الضمائر
ويعتمدها كـ قافية وهي في الحقيقة ليست قافية ولاتُعطي رنّة موسيقية مع بعضها .. ويجب علينا التفريق
بين القافية التي بها ضمير منفصل والقافية الأصلية ...
ودعونا ناخذ قصيدة الشاعر \ مساعد البيان :
مانيـب طـلاّب لا شهـره ..ولا دولــه
ولانيب مسّاح جوخ ّ .. الشيخ .. واجري به
لوّ الشعرّ .. يرفـع الرجّـال مـن حولـه
كان اكثر الناس .. شعـار ٍ .. تغنـي بـه
وجهة نظرّ .. قلتها .. واقـع .. ومعقولـه
إليا رميت الهدف .. بالصدق .. ماخطي به
من قال كل الصـوّر تطـرق ومدهولـه .؟
مابين مدح .. وهجاء .. والوّصل والغيبـه
وإن المعاني .. عليهـا ابـواب.. مقفولـه
ولا جاب شاعرّ جديد .. الكلّ .. يدري به !
واقول .. دام الشعرّ وهبـه .. ومرسولـه
ما ينقطعّ.. فالشعرّ .. إبداع .. نشدي بـه
شعّار ... تنحت صخر .. وتارد .. دحولـه
شعّار .. مثل البحور .. وبشعرها .. هيبـه
مـا حطتـه .. اكبـر اهمـوم ٍ ومذلولـه
سربة ّ رجال ٍ رقـت طيـب .. ومراقيبـه
لو دققنا في قافية العجز اتضح لنا ان الشاعر كرر هذا الضمير المنفصل " به " .. ولكن لم تكن هي
قافيته .. فقد كان هذا الضمير المنفصل وزنياً ونسبةً إلى مايقصده ويدل على ماأشار إليه ..
ودعونا نأخذ هذه القوافي وهي كالتالي :
اجري به .. تغني به .. ماخطي به .. الغيبه .. يدري به .. نشدي به .. هيبه .. مراقيبه .
هُنا يتضح ان قافية الشاعر حرف واحد في الأصل وهو " الياء " ولكن هذا لايُخرج حرف " الباء "
و " الهاء " من القافية فهي حروف قافية وتحسب مع الحرف الأصلي " الياء " لتكون ثلاث حروف
وهي " الياء .. الباء .. الهاء " .. ولكن لابد من الارجاع للأصل للتمسّك بالرنّة الموسيقية في القافية .
اجري به .. تغني به .. يدري به ( هذه اقترن بها الضمير المنفصل " به " ) .
الغيبه .. هيبه ( هذه كلمات أصلية وليس بها ضمائر ابداً ) .
مراقيبه ( كلمة اقترن بها فقط ضمير واحد وهو " الهاء " للنسبه ) .. فالأصل هو : مراقيب .
وهذه إحدى قصائدي للضمير المنفصل :
عليـم الله يابنـت العطاااااااايـا
اببصملك بعشري .. واعترف لك
بقول البنت هذي : هـي غلايـا
على شوق المحاني واقترف لك
الا ياغصن نابـت فـي حمايـا
سقيته قال غصني : ذا ورف لك
يموت الحظّ الاقشر فـي نكايـا
واعاند في ظروفي وانصرف لك
اشوف الوقت عيّـا فـي قفايـا
يطاردني .. حسدني لا انحرف لك
الضمير المنفصل الثابت في القصيدة هو " لك " .. ولم يكن قافية ثابته بل كان مساعداً للقافية
في المعنى المراد ولكن يحسب قافية .. لان القافية في الأصل هي " الراء و الفاء " وأتى
الضمير " لك " مساعداً لها وتعتبر القافية اربع حروف وهي " الراء والفاء واللام والكاف " .
والمثال للتنافر على هذه القافية لو قلنا :
" منتبه لك " .. هل ستوافق ( اعترف لك .. انصرف لك .. انحرف لك ) بالتأكيد لا ..
فـ " منتبه لك " لك يوافقها ( يشتبه لك .. يكتبه لك .. يجذبه لك ) سواء بحرف أو حرفين .